في طريق عودتهما ، أرادا أن يتعرفا على بعضهما البعض أكثر لذلك قررا الحديث عن بعضهما ريثما يصلان إلى وجهتهما، لكن والدتي لم تكن جيدة في هكذا أمور، "ما هو كتابك المفضل ، أين ولدت ، من تحب؟" توالت أسئلة والدتي الغريبة، هل كانت الأسئلة التي طرحتها عليه ساخرة، من يعلم.


توتر ذاك الشاب بعض الشيء ثم قال و هو يبتسم: "حسنًا، لكن قبل كل هذا ألا يجب علينا معرفة إسمينا؟ ".


" آه صحيح أنا آسفة على أسئلتي الغريبة، أنا فقط غير معتادة على التحدث مع الناس كثيراً، أو بالأصح عليّ القول أنني لم أتكلم مع شخصٍ منذ دخولي هذه الكليّة"، إعتذرت والدتي.


هزّ الشاب رأسه و قال: "لا داعي للإعتذار فلا مشكلة لدي حول طرحك تلك الأسئلة، إذاً أولاً ، لماذا اسمك هكذا يا (جاسمين) ؟"


" كيف لك بمعرفة إسمي؟ " قالت والدتي بدهشة.


" في الحقيقة لقد كان مكتوباً على غلاف كتابك المدرسيّ" أجاب و هو يبتسم.


إحمرّت وجنتاه من الخجل كيف لها أن تغفل عن شيءٍ بهذه البساطة، لذلك كانت والدتي حريصة على الإجابة على هذا السؤال البسيط و ألاّ تجعل نفسها محرجة مرة أخرى، تنهدت ببطء ثم قالت :"تم نقل والدتي إلى المستشفى أثناء فترة حملها لي لأن جسدها كان واهناً جداً و غير قادر على تحمل الحمل بي، لذلك كان والدي يقضي أغلب وقته في المستشفى أثناء زياراته لها، و قد لاحظ والدي وجود زهرٍ جميل ذو رائحة زكية ينمو في الخارج بجاتب نافذة الغرفة ، لقد إستمّر بالنمو وصولاً إلى داخل الغرفة رغم اختلاف الفصول و تقلبات الجوّ القاسية، إلا أنّه استمر بالنمو طوال فترة حمل والدتي لي، لذلك فكر والدي على الفور ، و قال لنفسه أنه يريد لابنتي أن تحمل إسم هذا الزهر، و تبتسم ابتسامة جميلة مثل هذه الكون الجميل حتى في أصعب الأوقات، هكذا جاء إسمي (جاسمين) -زهر الياسمين- "


نظر إليّ بملامح حزينة ثم قال: "هكذا إذا، حسناً ماذا حصل لوالديك، لقد كنت تتخدثين طوال الوقت بصيغة الماضي عنهما، لا داعي للإجابة إن كان هذا يزعجك".


تحولت ملامحها إلى الحزن قليلاً و أجابت: " كما قلت آنفاً جسد والدتي كان واهناً و غير قادر على تحمل الحمل فما أدراك بالإنجاب، لذلك توفيت بينما وُلدت أنا في ذات اليوم، و بالنسبة لوالدي فقد أخبرني جداي أنه مات بسبب ذبحة قلبية بعد شهر من وفاة والدتي، لقد شخّص الأطباء أنه نتيجة لإكتئاب ما بعد الصدمة، أحياناً أعتبر نفسي السبب في موتهما، لذلك كنت أعزل نفسي عن الآخرين معتقدةً أن كل من لديه علاقة بي سيختفي عما قريب".


صمتت للحظات و قد وصلا إلى مفترق طرقهما، فإبتسمت و قالت" لكن هذا كان منذ وقتٍ طويل أمّا الآن فقد تجاوزت الأمر، لقد وصلنا إلى مفترقنا أخبرني عن نفسك أكثر في المرة القادمة ".


قالت قالت لتلوّح له ثم ترحل بعدها، و قد لاحظ ذاك الشاب أن صوتها كان مجروحاً و كأنها تريد البكاء أو الصراخ لكنها كبحت كل شيء بداخلها، و الشيء الذي آلمه أكثر أنه لم يستطع قول شيء لها لمواساتها.


2021/01/09 · 130 مشاهدة · 471 كلمة
THE EAGLE
نادي الروايات - 2024